Google

Tuesday, October 23, 2007

شـــــــــروق وغــــــروب ... هكــــــذا الحيــــــاة



مخطئ من ظن يوما أنه إنسان تعيس الحظ لا تبتسم له الحياة إلا قليلا
فالحياة , تلك الكلمة الرائعة , تستحق بجدارة أن يحبها الإنسان , وأن يعيشها بكل أحوالها ويتقبل مرها قبل حلوها ,
أتعجب كثيرا لأمر هؤلاء الذين يقررون الإستقالة من حياتهم ويقدمون على ما يسمونه الإنتحار وينهون حياتهم بأيديهم وكأنها ملك لهم أو كأنهم هم الذين منحوها لأنفسهم منذ البداية , متناسين أنها أمانة نفيسة أودعها الخالق سبحانه وتعالى لديهم , وبالطبع لا يحق لأحد التصرف فى تلك الأمانة سوى صاحبها الذى أودعها

الأعجب من ذلك سبب الإنتحار ذاته ,فالذين يقدمون على تلك الخطوة الجنونية غالبا ما يكونوا قد تعرضوا لأزمة نفسية سببها مشكلة ما حاولوا إيجاد حلول لها ولكنهم فشلوا فانهارت قواهم وتلاشت عزيمتهم واعلنوا استسلامهم والغوا عقولهم , وأقنعهم اليأس اللعين بأن ليس هناك ثمة حل سوى الهروب من الحياة بأسرها بما فيها ومن فيها فيقدمون على ذلك ظانين أنهم بذلك سيرتاحون مما هم فيه ويقنعون أنفسهم بأن الآتى لن يكون أسوأ حالا مما يعيشونه الآن , ضاربين بعرض الحائط مصيرهم الأخروى ,مستخفين بما ينتظرهم عند ربهم

لقد كرم الله الإنسان وأنعم عليه بنعمة العقل التى هى الفرق الجوهرى الوحيد بينه وبين سواه من المخلوقات , ولكن لو تأملنا قليلا لوجدنا أن الحيوانات تكاد تكون أفضل حالا من أولئك المنتحرون , فالحيوانات بمختلف أنواعها لديها إرادة عجيبة للحياة تدفعها للصراع باستماتة من أجل البقاء ,وكثيرا ما تعرض نفسها للخطر وهى تحاول الحصول على طعامها كى لا تموت جوعا ,, وإذا شعر الحيوان بثمة خطر يهدد حياته لا يتوانى أبدا عن مقاومة ذلك الخطر بكل ما أوتى من قوة ,وفى ذلك دلالة عميقة على أن هذا الحيوان مدرك تماما لقيمة تلك الحياة بخلاف غيره من البشر


لو أدرك هؤلاء قيمة الحياة لعضواعليها بالنواجذ ,فقمة الغباء أن يشعر الإنسان بلإضطهاد لمجرد أنه قد واجهته مشكلة ما تعذر عليه حلها ,فالحقيقة أنه ليست هناك مشكلة فى هذه الدنيا بلا حل , ولكن ما يحدث أن الإنسان قد لا يمكنه تفكيره من الوصول للحل المناسب , برغم أن الحل قد يكون مطروحا أمامه ولكنه يتطلب منه بعض التنازلات التى تأبى النفس الإنسانية بغرورها المعتاد تقديمها ,فى نفس الوقت الذى تكون مستعدة لتقديم ما هو أكبر من ذلك ,فتتخلى بسهولة وتتنازل تنازلها الكبير عن الحياة . يا للعجب
لماذا نحن البشر دائما نتعمد الغباء فى استيعاب فلسفة الحياة برغم بساطتها ؟
تخيل معى لو كانت الحياة تسير على منوال واحد , حب ,سلام , نجاح , وفاء ,سعادة , وغيرها من المعانى على نفس الوتيرة
من أين لنا الإستمتاع بالسعادة وبهجتها إن لم نكتو بنار الحزن والألم؟ من أين لنا الشعور بروعة الوفاء إن لم نطعن بخنجر الخيانة؟ من أين لنا أن نعيش نشوة النجاح إن لم نعانى مرارة الفشل؟ كيف ندرك معنى العدل إن لم يجلدنا الظلم بسياطه؟ وكيف نقدر قيمة الصحة إن لم نر قسوة المرض؟
لقد صدقوا قديما حين قالوا : (وبضدها تعرف الأشياء) فلا معنى لأى من هذه المعانى الطيبة بدون وجود اضدادها , فهذه هى الحياة شروق وغروب , ليل ونهار , ظلم وعدل , حلو ومر لذلك عليكم أن تتذكروا دائما أن الحياة تستحق أن تعاش ,تمسكوا بأيامها بل بدقائقها وثوانيها واستمتعوا بكل لحظة وامتعوا من حولكم , فقطار العمر يمضى سريعا , وكل دقيقة تمضى تطوى وتندثر فى سجلات الزمن ويصبح استرجاعها مستحيلا ।

أيها الإنسان , يا خليفة الله فى أرضه ,ارفع رأسك , واجه ضعفك ,تحدى ما تظنه يعكر صفو حياتك وتغلب عليه , واجه مشكلاتك بقوة وحسم , لا تدع مجالا لليأس كى يتسلل إليك , وإن حاول الوصول إليك قاومه بعنف واغلق الباب فى وجهه تماما كى لا يجرؤ على الإقتراب منك مرة أخرى ,واعلم تماما أن هذه التى تظنها اليوم أكبر مشكلة بالعالم ,بعد أيام قلائل سيكسوها غبار الماضى ,وستستعيدها فى مجالسك مع العائلة والاصدقاء وستضحك من مدى بلاهتك وقتها وظنك بأنها كانت أكبر معضلة فى تاريخ الإنسانية . أرجوك , تأمل تلك الكلمات قليلا وحاول أن تنظر إلى الحياة نظرة جديدة فالحياة جميلة وتستحق أن تعاش .

Monday, October 8, 2007

القمــــــــر ... لا يكتــــــم الأســـــــرار


قديما .. فى تلك السنوات الجميلة.. سنوات الطفولة وبراءتها بل وسذاجتها الرائعة التى افتقدها كثيرا
كان هناك لغزا كبيرا يحيرنى ويشغل تفكيرى ..
فمنذ الطفولة كان الشمس والقمر هما لغزى الكبير,
كنت دائما أتساءل : ترى إلى أين تذهب الشمس وتتركنا فى كل يوم حين يأتى وقت الغروب؟
ولماذا اختارت هذا الوقت تحديدا كى ترحل عنا؟
لماذا أيضا يأتى القمر بمجرد رحيل الشمس؟
ولماذا لا يجرؤ أن يأتى أبدا فى وجودها ؟
ومن الذى يخبر القمر بأن الشمس قد رحلت وأنه يتوجب عليه أن يأتى ويحل محلها حتى تعود إلينا من جديد؟
هل كل هذا من قبيل الصدفة؟
أم أن الشمس والقمر يأتيان ويرحلان بموجب إتفاق مسبق فيما بينها؟
وإن كان ذلك
فإلى أين تذهب تلك الشمس حين تختفى عن عيوننا؟
لقد رأيتها ذات مرة وهى تختبئ هناك خلف تلك المبانى البعيدة , فظننت بأن لها بيتا كباقى المخلوقات تذهب إليه بعد إنتهاء مهمتها كل يوم وهى متعبة,منهكة فتستريح قليلا وهى مطمئنة أن القمر قد تسلم مهمته عنها , ثم تأتى فى اليوم التالى كى تستأنف عملها من جديد .
ولكن كيف ذلك؟
فقد رأيتها مرة أخرى وهى تختبئ خلف البحر إلى أن اختفت فيه تماما ولم يبق منها سوى ضوء خافت لم يدم طويلا أمام بهاء القمر.
لقيد حيرتنى كثيرا تلك الشمس
حيرتنى لدرجة أننى قررت التوقف عن التفكير

القمر أيضا ,كان يمثل لى لغزا كبيرا , ولكننى كنت أحبه أكثر من الشمس , لأننى كنت استطيع أن انظر إليه طويلا دون أن تؤلمنى عيناى , بعكس الشمس , فقد كانت لا تسمح لى بأن أتأملها سوى بضع ثوان ثم أشعر بألم فى عيناى الصغيرتان , فأتركها بالطبع وأنظر لأى شئ آخر حتى ولو لم يكن على ذات القدر من روعة الشمس وبهائها

لقد نشأت منذ الطفولة صداقة جميلة بينى وبين القمر, كنا ننتظره فى كل ليلة أنا وصديقاتى كى نلعب ونلهو تحت ضوءه الجميل , ذات مرة أخبرتنى إحدى صديقاتى بأن القمر يرانا ويلعب معنا , ومن فرط سذاجتى رحت أجرى خلف القمر ربما أستطيع اللحوق به أو الإمساك به والصعود إليه , أو حتى رؤيته عن قرب , وبرغم أننى و بالطبع فشلت فى ذلك كله إلا أننى كنت سعيدة جدا وأنا أجرى خلفه وأتخيله يجرى أمامى ويهرب منى .

وبمرور السنوات تحولت الصداقة إلى حالة حب وعشق أنا والقمر طرفاها ,
كنت أنتظره فى كل ليلة لأتأمله وكنت أشعر كذلك أنه يتأملنى , كنت ألبس له أبهى ثيابى , وأخرج إليه وأنا فى كامل زينتى كعروس عاشقة تنتظر حبيبها
أفتح له ستائر غرفتى كى يتسلل ضوئه المخملى الذى أعشقه إليها
أجلس أمامه أتأمل هذا البهاء وهذا الضياء وأقوم مزهوة أختال فى غرفتى , أتأمل نفسى فى المرآة
يا لجمالى, أهناك امرأة فى هذا الكون تستحق أن يجلس معها القمر سواى؟
أضحك من حماقة السؤال, بالطبع لا , فهاهو القمر ذاته معى , يأتينى كل ليلة أنا دون سواى من نساء الأرض
كنت أبوح له بكل شئ , أحكى له كل ما يحدث معى من أحداث يومية ومواقف ولا أترك أى تفاصيل دون أن أخبره بها ,
كنت أضحك معه , وأبكى أيضا ,بل إنه لم ير دموعى أحد سواه , فهو حبى الأول وصديق الطفولة وكاتم أسرارى , ولا حدود لثقتى به .
فهو يأتى إلى مساء كل يوم ,كى يجلس معى وينير غرفتى ويسمعنى , ولا يمل أبدا من سماعى , ومن ثرثرتى , ومن دموعى .
وذات يوم ذهبت إلى إحدى صديقاتى , جلسنا تجاذبنا أطراف الحديث , كانت جلسة رائعة إلى أن حدث شئ غريب ,
فوجئت بصديقتى تعرف كل أسرارى التى كنت أحكيها للقمر والتى لا يعرفها أحد سواه , كيف علمت بكل ذلك؟
أنا لم أبح بها لأحد سواه ؟
وحين سألتها قالت لى : أخبرنى القمر فهو يأتى إلى فى كل ليلة ويبوح لى بكل شئ
صدمت بشدة ولكننى لم أصدقها فثقتى به كبيرة لا تهتز
من المؤكد أنها علمت بعلاقتى والقمر وتريد أن تفسد بينى وبينه , حتما تغار منى لأن القمر فضلنى أنا عن كل نساء الكون , تركتها غاضبة وقررت أن أسرع إلى بيتى كى أحكى له ما حدث , وأخبره بأن هذه التى كنت أظنها صديقة تريد أن تفسد بينى وبينه وتفقدنى ثقتى به سأخبره أننى لم أصدقها وأن ثقتى به لا حدود لها, وأننى أعلم بأننى أنا حبه الأول والأخير, سأخبره أيضا بــ......... هنا تسمرت مكانى وتاهت الكلمات على شفتاى
فعندما خرجت من بيتها رأيته هناك, عندها ,
نعم إنه القمر واقفا أمام بيتها تماما كما يقف أمام بيتى .
حينها سقطت من عيونى دمعة حارة ,
فقد أدركت تماما بأن صديقتى لم تكذب على
أدركت تماما:
أن القمر لا يأتى لأجلى وحدى
, وأنه لا ينير غرفتى وحدى ,
وأنه لا يستمع إلى وحدى ,
بكيت وبكيت على ثقة السنوات
فقد أدركت تماما ,
أن القمر لا يكتم الأسرار .